مجلة شهرية - العدد (590)  | نوفمبر 2025 م- جمادى الأولى 1447 هـ

أفكار مائيّة

البحر، وهو صامت، يفكّر بعمق،
ولا يحبّ من يزعجه.
هو يستحضر قناديل ذكرياته
التي لا تنتهي،
يكتب سيرة السفن الغارقة
والجنود الذين غرقوا وهم يجهلون
من أجل مَن يحاربون.
يجمع قروشه إذا غضب،
يناغي أحصنته إذا تاق إلى رومنسية هاربة،
يبتكر حلولاً كثيرة لوهمٍ اسمه الحياة...
وقد ينتشي بأعشابه الطازجة فيعربد في أعماقه
دون فضائح.
وقد يذرف دموعاً من نارٍ حزناً على من يسيرون بغرور
على شواطئه...
المتعبون يمكنهم الغوص تحت الماء كي يشاركهم البحر
أحزانهم.
التيارات الجوفية
تُنسيهم دوّامة الشهيق والزفير،
وتأخذ قلوبهم الحزينة إلى مدينةٍ مليئةٍ بالعرائس
التي لا تحوّل من ينظر إليها
حجراً.
هناك، سينسون أقدامهم التي عذّبتها الأرض،
سيتخلّصون من أياديهم التي لم تفعل شيئاً،
هناك، سيسهون عن ظهورهم التي لم تجد جدراناً تتّكئ عليها.
تحت الماء يتوقّف زمن الجدران
ويبدأ زمن الغرق الجميل.
الهواء المبلّل دواءٌ ناجع
لكل المواجع،
فتنفّسْ ملءَ الوقت السائل،
ودَعِ الصخورَ للوعول،
والحديدَ لأوراق الخريف،
ورأسَك للحقيقة العارية.

ذو صلة